9 طلاب من بين 24 شخصًا من المفترض أن تعقد لهم غدًا الخميس الموافق 2015/7/9 جلسة النطق بالحكم في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية “قتل الحارس” والتي تم اتهامهم فيها بعدة تهم من أبرزها : قتل “عبد الله عبد الله متولي” وهو حارس عضو اليمين في هيئة محاكمة الرئيس الأسيق محمد مرسي، حيازة مفرقعات وأسلحة، الانضمام إلى جماعة محظورة أسست على خلاف القانون، الانضمام إلى جماعة إرهابية تدعو إلى التكفير.

بدأ الأمر في مطلع العام الماضي حين قامت قوات الأمن باعتقال الطلاب التسعة بشكل تعسفي مخالِف للقانون دون تصريح أو أمر قضائي مٌسبب بالاعتقال، وذلك في أوائل شهر مارس عام 2014 من أماكن متفرقة، حيث تم اقتيادهم جميعا إلى أماكن غير معلومة، حيث تعرضوا جميعا للإخفاء القسري لمدد متفاوتة، ثبت فيما بعد تعرضهم فيها للتعذيب الشديد، لإجبارهم على الاعتراف بالتهم السالف ذكرها دون وجود دليل موضوعي عليها، ليظهر بعدها عدد من الطلاب في مقاطع فيديو صورتها لهم وزارة الداخلية، ظهروا فيها بوجوه متورمة، ملابس ممزقة وجروح لم تبرأ بعد، ليدلوا باعترافات صريحة بما نسب إليهم من الاتهامات السالف ذكرها.

وعلى الرغم من إخبار الطلاب للنيابة العامة بأن الاعترافات التي صدرت منهم كانت تحت التعذيب الشديد، إلا أن النيابة لم تهتم بعرضهم على الطب الشرعي أو التحقيق في جرائم التعذيب التي وقعت بحقهم، بل أمرت مباشرة بجبسهم على ذمة التحقيقات في التهم المنسوبة إليهم، والتي توزعت بينهم كالتالي :

1- الانضمام إلى جماعة محظورة أسست على خلاف القانون :

اتهم بها الطلاب التسعة، وجاءت أسماؤهم كالتالي :

1- بلال محمد شتلة، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الصيدلة جامعة المنصورة.

2- أحمد الوليد الشال، طالب تكليف بكلية الطب جامعة المنصورة.

3- محمود ممدوح وهبة، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة جامعة المنصورة.

4- محمد العدوي، الطالب بكلية الآداب جامعة المنصورة .

5- مصطفى جلال محروس، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الصيدلة جامعة المنصورة.

6- عبدالرحمن عطية، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الطب جامعة الأزهر.

7- إبراهيم العزب , خريج كلية الصيدلة جامعة المنصورة.

8- محمد فوزي شاهر، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الصيدلة جامعة المنصورة.

9- محمد مصطفى عرفات، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة جامعة المنصورة.

2- حيازة مفرقعات وأسلحة :

اتهم بها 10 أشخاص من بينهم 5 طلاب، جاءت أسماؤهم كالتالي :

1- إبراهيم العزب , خريج كلية الصيدلة جامعة المنصورة .

2- مصطفى جلال محروس، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الصيدلة جامعة المنصورة.

3- أحمد الوليد الشال، طالب تكليف بكلية الطب جامعة المنصورة.

4- محمود ممدوح وهبة، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة جامعة المنصورة.

5- عبدالرحمن عطية، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الطب جامعة الأزهر.

3 * الانضمام إلى جماعة تدعو إلى التكفير :

اتهم بها 11 شخص من بينهم 5 طلاب، جاءت أسماؤهم كالتالي :

1- إبراهيم العزب , خريج كلية الصيدلة جامعة المنصورة.

2- مصطفى جلال محروس، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الصيدلة جامعة المنصورة.

3- محمد فوزي شاهر، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الصيدلة جامعة المنصورة.

4- محمد مصطفى عرفات، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة جامعة المنصورة.

5- بلال محمد شتلة، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الصيدلة جامعة المنصورة.

4- قتل الحارس “عبد الله عبد الله متولي” :

اتهم بها 7 أشخاص من بينهم 4 طلاب، جاءت أسماؤهم كالتالي :

1- محمود ممدوح وهبة، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة جامعة المنصورة.

2- أحمد الوليد الشال، طالب تكليف بكلية الطب جامعة المنصورة.

3- محمد العدوي، الطالب بكلية الآداب جامعة المنصورة .

4- عبدالرحمن عطية، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الطب جامعة الأزهر.

هذا عن الاتهامات، أما عن الأحراز والأدلة فلم يكونا بنفس القدر من الوضوح، حيث ادعت الأجهزة الأمنية ضبط عدد من الأحراز بحيازة الطلاب، إلا أن هذا الإدعاء لم يقترن بالواقع في شئ، حيث :
  • ادعت الأجهزة الأمنية ضبطها أسلحة نارية وذخيرة بحوزة الطلاب ظهرت في الفيديو التي تم تصويره لهم، في حين أن محضر القضية لم يُذكر به أى من هذه الأسلحة، فكل ما ذُكرَ بالمحضر هو ماسورة صرف صحي، وبندقية قديمة لم تُستعمل من قبل وليس بها أعيرة نارية، وهو ما يجعل الاتهام بـِ “حيازة الأسلحة” غير مستند إلى أدلة، كما يُثير تساؤلات عديدة حول مصداقية رواية وزارة الداخلية ومقطع الفيديو التي تم تصويره للطلاب برفقة أسلحة وذخائر لم يعد لها وجود في القضية بعد هذه المقاطع.
  • ذكرت الأجهزة الأمنية تحريزها لدراجة نارية “رمادية” اللون، كما ادعت أن الطالب “أحمد الوليد” كان يستقلها أثناء تنفيذ جريمة القتل، في حين أن محضر القضية ذُكر فيه أن الدراجة النارية المستخدمة “حمراء” اللون.

وبهذا انتهت الأحراز التي استندت عليها الأجهزة الأمنية في اتهام الطلاب بمثل تلك الجرائم الخطيرة، وهى أحراز لا تعتبر دليلًا على أى من الاتهامات التي وجهت إلى الطلاب.

أما عن الثغرات القانونية بالقضية، فهى واضحة لا تخفى على أحد، وقد قام محامو الطلاب بالتطرق إليها وإثباتها خلال جلسات المحاكمة الماضية والتي كان آخرها في يوم الأحد لموافق 2015/5/3، حيث استندت الأجهزة الأمنية على أدلة ضعيفة تم إثبات بطلان أكثرها، وسنستعرض بعضها كما يلي :

1- كان أقوى دليل اتهام للطلاب هو شريط تسجيلي لكاميرا المراقبة بمصنع السماد بمدينة “طلخا” والذي ادّعت الأجهزة الأمنية أنه سجل الجريمة بوضوح، وبعد إلحاح شديد من محامِ الطلاب وإصراره على رؤيته، كانت المفاجأة بأن الشريط خالٍ تمامًا من أى شئ يتعلق بالجريمة أو الطلاب، مما أثار الشكوك حول مدى مصداقية باقي الأدلة التي استندت عليها الأجهزة الأمنية.

2- ذكرت الأجهزة الأمنية أن الطالب “أحمد الوليد” هو المتهم الأساسي والمنفذ لجريمة قتل الحارس، وذلك بتصويب 6 طلقات حية إلى المقتول، في حين أنه ثبت أن الطالب كان قد أجري عملية جراحية في الرأس لا تُمكنه من التسديد بل وإصابة هدف متحركٍ مطلقا.

3- ذكر تقرير الطب الشرعي أن المجني عليه قُتِلَ في وضع قائم، أى من شخصٍ يمشي على قدميه وليس راكبًا لدراجة نارية كما ذكر بمحضر القضية، الذي جاء فيه أن الطالب “أحمد الوليد” كان مستقلا لدراجة نارية حين قام بإطلاق النار على الحارس.

4- اتهمت النيابة العامة عددا من الطلاب بالإنتماء لجماعة “الإخوان المسلمي” على اعتبار أنها جماعة محظورة، متجاهلة بذلك أن تصنيف جماعة “الإخوان” كجماعة محظورة كان في أواخر ديسمبر عام 2014، أى عقب اعتقال الطلاب بنحو 6 أشهر مما يُبطل هذا الاتهام.

5- أقرّ الطلاب خلال جلسات محاكماتهم أن اعترافاتهم كانت تحت التعذيب الشديد، مما يُبطلها جميعها، وذلك وفقًا لما جاء بنص المادة رقم (55) من الدستور المصري الحالي من أن :”كل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم (أى تحت وطأة التعذيب أو الترهيب أو الإكراه)، أو التهديد بشيء منه، يُهدَر ولا يُعوّل عليه”، مما يجعل كل الاعترافات الصادرة من الطلاب والتي استندت عليها الأجهزة الأمنية باطلة ولا يُعوّل عليها.

مرة أخرى تتجاهل النيابة العامة افتقار القضية إلى الأدلة، فضلًا عن هذه الثغرات التي لم يتم إعادة النظر بها، لتقوم في يوم الأحد الموافق 2014/6/15 بإحالة الطلاب إلى محكمة جنايات المنصورة برئاسة المستشار “منصور صقر” ، في القضية رقم 17850 جنايات مركز المنصورة، المقيدة برقم 26 لسنة 2014 جنايات أمن الدولة العليا بالمنصورة، والمعروفة إعلاميًا بقضية “قتل الحارس”، حيث تم عقد أولى جلسات المحاكمة في يوم الاثنين الموافق 2014/8/18، حيث تم تأجيلها لأكثر من 8 مرات بعد أن تم نقل القضية للمستشار “أسامة عبدالظاهر”، حتى تم تحديد غدٍ الخميس الموافق 2015/7/9 لعقد جلسة النطق بالحكم في القضية.

ونحن بمرصد “طلاب حرية” نستنكر بشدة أن يستند القضاء في إدانة الطلاب على مثل هذه الأدلة ومع وجود كل هذه الثغرات دون التحقيق بها، كما نستنكر ما تم بحق الطلاب من انتهاكات فجّة، بل ونطالب الأجهزة المختصة بالتحقيق فيما ارتكبته الأجهزة الأمنية من انتهاكات واضحة بحق القوانين والمواثيق الدولية، حيث إن الأجهزة الأمنية قامت بخروقات عدة منذ لحظة اعتقال الطلاب نسرُد بعضًا منها فيما يلي :

– قامت الأجهزة الأمنية بخرق المادة رقم (54) من الدستور المصري الحالي، والتي جاء في نصها أن “فيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق”، في حين قامت الأجهزة الأمنية باختطاف الطلاب التسعة بشكل تعسفي مخالِف للقانون دون تصريح أو أمر قضائي مُسبب بالاعتقال، ودون ضبط أىّ منهم متلبسًا.

 

– قامت الأجهزة الأمنية بخرق المادة رقم (1) من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والتي نصت على أنه ” لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري”، حيث تعرض الطلاب التسعة للإخفاء القسري لمدد متفاوتة وصلت في بعض الأحيان لأكثر من 20 يومًا – كما في حالة الطالب “محمدعرفات” – دون أن الكشف عن مكان احتجازهم، أو السماح لذويهم بالتواصل معهم.

 

– قامت الأجهزة الأمنية بخرق المادة رقم (55) من الدستور المصري الحالي والتي جاء في نصها :”كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا”، وقد نالت هذه المادة النصيب الأكبر من الخرق، حيث تعرض الطلاب منذ لحظة اعتقالهم للمعاملات الحاطة بالكرامة والتعذيب بأساليب لا انسانية بالضرب المبرح، الصعق بالكهرباء في أماكن حساسة، التعليق من القدمين، والتهديد بأمهاتهم، وذلك طبقًا لما ذكره الطلاب في رسائل أرسلوا بها من داخل محبسهم.

 

ومن هنا فإننا نطالب الأجهزة القضائية بإعادة التحقيق في الثغرات القانونية للقضية، وعدم غض الطرف عمّا تعرض له الطلاب من انتهاكات تم على إثرها إجبارهم على الاعتراف بجرائم لم تتوافر الأدلة الكافية لإدانتهم بها، كما نطالب بفتح تحقيق عاجل في جريمة التعذيب التي وقعت بحق الطلاب، ومحاسبة المتورطين بها من الأجهزة الأمنية والمتسترين عليها من جهاز النيابة العامة وتقديمهم إلى محاكماتٍ عادلة.