قامت قوات الأمن المصرية في يوم الخميس الموافق للسابع من يناير 2016 بتصفية 3 مواطنين مصريين من بينهم طالبين جامعيين داخل إحدى الشقق السكنية بمدينة العاشر من رمضان، والقتلى هم : “نشأت محمود عصام العمده” الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، “محمد محمد عطوة أحمد” الطالب بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، بالإضافة إلى “ماهر عبدالله السيد حسن” موظف مقيم بمركز كفر صقر.
وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أعلنت في بيان لها صدر في نفس اليوم عن قيامها بقتل 3 أشخاص عقب قيامهم بإطلاق وابل من النيران – على حد وصف البيان – تجاه قوات الأمن التي قامت بدورها بالرد عليهم مما أسفر عن مصرعهم، كما أوضح بيان الداخلية أن القتلى الثلاثة كان يتم تتبعهم تمهيدًا لضبطهم وذلك على إثر اتهامهم في حادث إطلاق الأعيرة النارية على رئيس جامعه الزقازيق “بالإنابه” والتى نتج عنها إصابته بطلقات ناريه بالقدمين – قضيه رقم 74521 / 2015 جنح مركز الزقازيق.
وقد قام مرصد “طلاب حرية” للحقوق والحريات بالاستماع إلى شهادة ذوي أحد الطالبين القتلى، والتي جاءت متضاربة إلى حد كبير مع رواية وزارة الداخلية المصرية، حيث ذكر “حمزه” وهو أحد أقارب الطالب “نشأت محمود عصام” أنه في نحو الساعة الثالثة من فجر يوم الخميس الموافق 7 يناير 2015 قوات من الشرطة المصرية مصحوبة بقوات خاصة من الأمن المركزي وجميعهم بالزي الرسمي، قاموا بمحاصرة العقار السكني التي كان يقطنه الطالب ورفيقيه، كما تم توزيع أفراد الأمن على الشقق السكنية بالعقار وإخبارالسكان بعدم الخروج، كما أفاد قريب الطالب أنه في نحو الساعة الثالثة والنصف قامت قوات الأمن باقتحام الشقة السكنية التي كان يقطنها الطالب، وهو ما أكده أحد شهود العيان المقيمين بذات العقار والذي قام بإخبار ذوي الطالب هاتفيًا عن قيام قوات الأمن باقتحام الشقة.
كما أفاد أحد جيران الطالب المقيمين بنفس العقار السكني بسماعه أصوات تعذيب صادرة من الشقة، حيث ذكر أن قوات الأمن قامت بتعذيب القتلى الثلاثة طيلة فترة الاقتحام في محاولة لمعرفة معلومات عن حادثة محاولة اغتيال رئيس جامعة الزقازيق، وفي إفادة قريب الطالب لمرصد “طلاب حرية” ذكر أن علامات التعذيب بدت جلية على جسد الطالب، حيث أكد أن علامات تقييد الطالب بـ “الكلابشات” كانت واضحة على يديه، كما تم تشريح ظهر الطالب باستخدام آلة حادة – وفقًا لإفادة قريبه – وهو ما أظهر خطوطًا طولية وعرضية على جسده.
كما ذكر أحد جيران الطالب المقيمين في العقار الذي تمت فيه تصفية القتلى أنه بعد العاشرة والنصف من صباح يوم الخميس تم إطلاق النار على الطالب، كما ذكر قريب الطالب في شهادته أنه تم قتل الطالب برصاصة اخترقت عينه اليسرى لتقتلعها من مكانها، ورصاصة أخرى أصيب بها من وراء أذنه اليمنى ليسقط قتيلًا في أقل من 45 ثانية وذلك وفقًا لتقرير أحد أطباء الطب الشرعي الذي رفض ذكر اسمه.
وذكر شهود عيان أنه في نحو الساعة الحادية عشرة وصلت سيارة الإسعاف التي قامت بالانتظار أسفل العقار حتى وصل فريق الطب الشرعي برفقة أفراد من الشرطة إلى الشقة التي تم قتل الطالب بها في الساعة الواحدة ظهرا، حيث صدر تقرير الطب الشرعي مفيدًا أن وفاة الطالب كانت نتيجة إصابته بطلق ناري، ومن ثم تم نقل الجثة في نحو الرابعة من عصر يوم الخميس حيث ذكر قريب الطالب أنه تم إرسال جثامين القتلى الثلاثة إلى مشرحة “زينهم” عقب رفض مستشفى “الأحرار” استلامهم لظروف أمنية، ومن ثم قام ذوو الطالب بتسلم جثمانه قرابة الساعة العاشرة من مساء يوم الجمعة الموافق للثامن من يناير 2016 عقب صدور شهادة الوفاة.
ومن جانبها، لم تقم وزراة الداخلية المصرية بتقديم أى تفسيرات لآثار التعذيب البادية على جثامين القتلى والتي تم توثيق بعضها بالصور، كما لم تقدم أى أدلة تثبت قيام القتلى باستخدام العنف حيث لم يثبت سقوط أى قتلى من جانب قوات الأمن الذين تم الاعتداء عليهم بـ “وابل من النيران” من قبل القتلى – وفقًا لبيان وزارة الداخلية – كما لم يقدم أى من سكان العقار أى شهادة تفيد بقيام أى من القتلى الثلاثة بإطلاق أى أعيرة نارية، وهو ما يثير شكوكًا عديدة حول ما إذا كان استخدام العنف المفرط المميت من قبل قوات الأمن بحق القتلى الثلاثة كان ضرورة للدفاع عن النفس أم أنه جريمة قتل عمد خارج إطار القانون تورطت بها الأجهزة الأمنية المصرية.
إن مرصد “طلاب حرية” للحقوق والحريات يطالب الأجهزة المصرية المعنية بتقديم تفسيرات موضوعية حول التضارب الصارخ بين الشهادات التي تم توثيقها وما ذكرته وزارة الداخلية المصرية، كما نطالب الأجهزة المتخصصة في الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بالتدخل وإجراء تحقيقات عاجلة في تلك الواقعة وغيرها من جرائم القتل التي يرتكبها النظام المصري بحق معارضيه سواءًا بالتصفية الجسدية المباشرة أو التعذيب والإهمال الطبي دخل مقار الاحتجاز المختلفة، دون تحقيقات جادة أو محاسبة للمتورطين في تلك الجرائم، وهو ما يثير مخاوف عدة من تفشي سياسة الإفلات من العقاب والتي قد تؤدي بدورها إلى ازدياد خطير في معدل تلك الجرائم من قبل النظام المصري.
التعليقات