” السجن إصلاح وتهذيب ” شعار دارج , وماهو إلا كلمات لا تواجد حقيقي لها على أرض الواقع , فالأرقام والشواهد تثبت عكس ذلك , ففي السجون المصرية لاتسأل عن الرعاية الطبية !
فقد ساءت أحوال السجون المصرية وعادت لما هو أسوء من قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 وخاصة مع معتقلي الرأي , حيث تبدأ المعاناة بمجرد اعتقال الشخص , سلسلة انتهاكات من تعذيب وضرب مبرح أثناء التحقيقات , ليتجه بعدها إلي ماهو أقسي , مكان غير آدمي لاحتجازه – كما وصفه الكثير – ناهيكَ من كثرة الأعداد في مساحة لا تتعدي 2*2 متر , بالإضافة لمنعهم من أقل حقوقهم في الخروج من محبسهم للتريض وغيره , ممايسبب انتشار الأمراض الجلدية بين السجناء.
أكثر من 5000 آلاف معتقل يعانون من أمراض تحتاج للعلاج الفوري وسط تعنت من إدارات السجون , والذي يؤدي إلى تعرضهم للموت البطيء ,
ففي المادة رقم (27) من اللائحة الداخلية للسجون نصت على أنه “يجب على الطبيب أن يكشف على كل مسجون فور إيداعه السجن، على ألّا يتأخر ذلك عن صباح اليوم التالي، وأن يثبت حالته الصحية والعمل الذي يستطيع القيام به” , لكن لم يتم عرض أي حالة علي الكشف الطبي قبل إيداعها.
وفي ضوء مايقوم به “مرصد طلاب حرية” من رصد وتوثيق الانتهاكات بحق الطلاب , نلقي الضوء في هذا التقرير علي بعض الحالات من الطلاب الذين تم اعتقالهم ويعانون من أمراض مزمنة , سواء الطالب “الجامعي , أو الثانوي ” , بالإضافة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات في ظل الإهمال الطبي , وإليكم بعضا منها :
1 – “عبدالله مختار محمد حسن ” , الطالب بالمرحلة الثانوية , والمحتجز بسجن “دمنهور” ليتم مدة عقوبته والمقدرة بثلاث سنوات , والذي يعاني من يعاني من نوبات الصرع وتشنجات بشكل مستمر .
2- “إبراهيم رضا” الطالب بالمرحلة الثانوية , كان قد أصيب بـ حادث أدي لنزيف فى المخ منذ صغره , مما أسفر عن تلف وضمور فى المخ وشلل نصفى , وقد بدأت حالته بالتحسن مع العلاج لكنه مازال يعاني من ضعف الرؤية والسمع , كما يعاني من صعوبة الحركة , بالإضافة لإصابته بحساسية صدر مزمنة , كما أنه ليس لدية القدرة علي تحمل الأصوات العالىة ولا الحر ولا البرد الشديدين , حيث توجد شهادة طبيه من المستشفى الدولى توضح حالته الصحية والتي تسوء باستمرار بمعاناته في السجن , ومع كل هذا فقد تم الحكم عليه بالسجن لمدة عامين ليقضيهم في محبسه في ظل سوء حالته الصحيه .
3- “محمدالعدوي “, الطالب بكلية الآداب -جامعة المنصورة , والمعتقل منذ 8مارس 2014 , حيث تعرض للإخفاء القسري والتعذيب فور اعتقاله , على الرغم من معاناته من مرض الناسور والفتاء السري , مما أدى إلى تدهور حالته واحتياجه إلي تدخل جراحي عاجل منذ ما يقارب الستة أشهر , وقد قام محاميه باتخاذ الإجراءات القانونية لإجراءه العملية بمستشفي خاص , ولكن مازالت إدارة سجن “طره ” تتعنت في الموافقه مع استمرار معاناة الطالب .
4- “محمد حمدى شهيب ” , الطالب بكلية التجارة – أكاديمية النيل , والمعتقل منذ 27 يناير الماضي , حيث تعرض للإخفاء القسري والتعذيب الشديد , انتهاكات بالغة أدت إلي سوء حالته الصحيه ,حيث أنه مريض بالكلى ويحتاج إلى عملية الغسيل الكلوي باستمرار ، كما أنه يعاني من ضيق تنفس شديد و حجزه في أماكن ضيقه سيئة التهوية يعرض حياته للخطر .
وكما أن الانتهاكات طالت الطلاب فليست ببعيده عن أعضاء هيئة التدريس فنجد :
– “محمد سعد سريه” , أستاذ ودكتور مساعد بقسم الكيمياء الحيويه بكلية الطب جامعة المنصورة , والمعتقل منذ يوم 30 أكتوبر الماضي , وقد شهدت حالته الصحيه تدهوراً شديداً , حيث كان قد خضع لعملية “زرع كبد” وتتطلب حالته الصحية تلقي رعاية خاصة تفتقدها مستشفى السجن,في ظل رفض إدارة السجن السماح بعلاجه بإحدى المستشفيات الخارجيه ,كما تزيد تلك الانتهاكات وتتعنت في إدخال الأدوية الخاصة به مما يعرض حياته لخطرِِشديد .
في السجون المصرية مرضي تزداد حالتهم سوءا وأصحاء يمرضون بسبب عدم وجود الرعاية الطبية , بدأوا في رحلة المعاناة مع الأمراض بسبب التعذيب وسوء مكان الاحتجاز والتعنت من إدارة السجون , وكان من أهم تلك الحالات وأشهرها هو “صهيب عماد” الطالب بالمرحلة الثانوية , والذي تم اعتقاله بشكل تعسفي من منزله في 11 فبراير 2014 ليتعرض لشتى أنواع التعذيب وغيره من الانتهاكات , حتي تدهورت حالته الصحية بشده , مما أسفر عن إصابته بالروماتيزم , ورغم ذلك تم استمرار احتجازه في زنزانة غير ملائمة لظروفه الصحية تماما ,مما استدعى إجراء عمليه جراحيه في ركبته في شهر سبتمبر الماضي , عانى على إثرها من الآلام في محبسه , ليتم نقله فورا إلى القسم دون استكمال العلاج في المستشفى ,ليُقَرر بعدها للطالب علاج طبيعي ليستعيد قدرته على السير ومن المفترض أن يستكمل علاجه, ورغم ذلك تم ترحيله لسجن الأحداث بدكرنس مما يصعب نقله للعلاج .
وكان أيضاً نتيجة لتلك الانتهاكات والإهمال المتعمد من إدارات السجون المصرية من نتائج كارثية تسببت في وفاة عدد من المعتقلين من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات , فعلي سبيل المثال :
1- الطالب “مؤمن محمد عبد اللطيف” الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الهندسة جامعة الأسكندرية , والذي توفي يوم 23 فبراير 2014 , بعد اعتقاله بسجن برج العرب , حيث كان يعاني من فشل كلوي ويحتاج غسيل كلى ,وتم حرمانه من العلاج من قبل إدارة السجن مما أدى لتدهور حالته الصحية ووفاته .
2- ” طارق الغندور ” أستاذ الجلدية بكلية الطب جامعة عين شمس , والذي اعتقل من منزله يوم 18 ديسمبر 2013 , وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 5 سنوات , وكان الدكتور مصاب بفيروس سي , مما أدى إلى سوء حالته الصحية وتدهورها، وإصابته فيما بعد بدوالي في المريء ، حيث ظل ينزف لمدة 6 ساعات دون أن يتمكن الفريق الطبي بمستشفى معهد الكبد في شبين الكوم من إنقاذه وذلك بسبب تعنت إدارة سجن شبين الكوم من إرساله للمستشفي إلا بعد انهيار حالته الصحية بشكل كامل .
هذه الأمثلة ليست إلا غيض من فيض من وقائع انتهاكات صارخة , ونظرًا لاستمرار ازدياد أعداد المعتقلين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو جلدية وتدهور حالاتهم الصحية , وسط غض الطرف والإهمال وسياسة التعنت من قبل السلطات الحالية والأجهزة الأمنية وعدم محاسبة المسئولين عن تلك الانتهاكات والجرائم بحق الإنسانية , ونطالب نحن “مرصد طلاب حرية” كافة مجالس حقوق الإنسان سواء المحلية أو الدولية بالتحرك ومراعاة دورها الإنساني في إنقاذ آلاف المعتقلين ظلمًا من الموت البطىء بحقهم , والذي تنتهجه الأجهزة الأمنية في ظل النظام الحالي منذ الثالث من يوليو لعام 2013 , كما نطالب بتنفيذ القانون واللائحة الداخلية لمصلحة السجون مع إضافة تعديلات بها لتوفير حقوق المعتقلين الإنسانية والمنصوص بها في مواد الدستور والقانون المصري.
التعليقات