– في ظل صمت المؤسسات الحقوقية , ودون سماع أدنى اعتراضٍ من قِبل المجالس المعنية بقضايا المرأة, والتي لاطالما صدحت بتلك الحقوق , غداً وبعد أكثر من عام قبعت فيه خمس طالبات بجامعة الأزهر خلف القضبان , تنظر محكمة شمال القاهرة الاستشكال المقدم منهن علي الحكم الصادر بحقهن , بعد اعتقالهن على خلفية تهمٍ غير محددةٍ وأدلةٍ غيرَ واضحةٍ منذ أواخر ديسمبر لعام 2013 .

حيث جاءت أسماء الخمس طالبات كالتالي :
1- آلاء السيد , طالبه بكلية الدراسات الإسلامية.
2- هنادي أحمد محمود , طالبة بكلية الدراسات الإسلامية.
3- روفيدة إبراهيم , طالبه بكلية التجارة.
4- عفاف أحمد عمر , طالبه بكلية الدرسات الإسلامية.
5- أسماء حمدي , طالبه بكلية طب الأسنان.

خاضت الطالبات الخمس معركة طويلة بين سندان المحاكم , فكانت البداية في الرابع والعشرين من شهر فبراير الماضي ,حيثما أصدرت محكمة جنح مدينة نصر حكمها علي الطالبات الخمس بالسجن لمدة خمسة أعوام وتغريمهن غرامة مالية وقدرها 100 ألف جنيها , في القضية رقم 7322 جنح مدينة نصر , والتي وجهت لهن فيها العديد من التهم أبرزها : الاعتداء علي رئيس الامن المركزي وسرقة محفظته , ارتكاب أعمال عنف باستخدام المولوتوف والحجارة , الانتماء لجماعة محظورة أسست على خلاف القانون , وغيرها من الاتهامات .
ليتجه محامي الطالبات بعدها لمنفذٍ قانوني آخر , فقام بالاستئناف علي الحكم , حيث كانت أولى جلساته في السابع والعشرين من مارس 2014 , لتظل المحكمة تُماطل في إصدار حكمها بخصوص تلك القضية حتى تم تأييد الحكم الصادر بحقهن بالسجن لمدة خمس سنوات, وذلك في جلسة الثالث والعشرين من نوفمبر الماضي بعد تأجيل جلسات الاستئناف بالقضية لأكثر من إحدى عشرة جلسة .

وفي استمرارٍ لتلك الانتهاكات بحقهن , قضت محكمة شمال القاهرة يوم الأربعاء الموافق 15من مارس بتأجيل جلسة الاستشكال المقدم وذلك إلي جلسة الثاني والعشرين من شهر أبريل القادم , حيث تعذر نقل الطالبات من سجن دمنهور حيث يقضين حكمهن إلي مقر الجلسة بمحكمة شمال القاهرة .

ولم تكن المحاكمات هي أسوء ما عانت وتعرضت له الطالبات الخمس , فتعرضن لسلسلة من الانتهاكات بدأت منذ اللحظة الأولى لاعتقالهن ,ضربٌ وسحلُ وتحرش من قبل أفراد الأمن بداخل الحرم الجامعي ، , في انتهاك لقدسية الحُرم الجامعية , ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد , بل اكتمل مسلسل التعذيب بداخل قسمي شرطة أول وثان مدينة نصر.

حيث تعرضت الطالبات في قسم أول مدينة نصر إلي التعدّي اللفظي بالسب والشتم , والتعذيب الجسدي بالضرب المبرح حتى أن آثار التعذيب ظهرت واضحة عليهن ، كما تم تفيتشهن تفتيشًا ذاتيًا مُهينًا وصل إلي حد التحرش , ناهيك عن التضييق عليهن أثناء زيارات الأهل , حيث كانت تتم الزيارات من خلف قضبان حديدية , كما كان يتم تمزيق أي رسائل منهن لأهاليهن أو العكس , حتي تم ترحيلهن في يوم 12 يناير الماضي إلى سجن القناطر , ليستمر مسلسل الانتهاكات .

فهناك , أي بسجن القناطر , مُورست ضد الفتيات سلسة طويلة من الانتهاكات كانت آخرها ما عُرف إعلاميًا بــ ” بمجزرة القناطر” التي حدثت في العاشر من يونيو الماضي , والتي تم الاعتداء فيها علي 18 طالبة من طالبات الأزهر من قبل السجانات وأمناء الشرطة بالضرب بالحديد والعصي والخشب مما أدي الي إصابة الطالبات الخمسة بكدمات وجروح قطعية , ومن ثم تم إخفائهن قسريًا بعدها لمدة خمسة أيام , ليتم نقلهن إلي سجن دمنهور فيما بعد .

وهناك تم وضع الطالبة “هنادي أحمد ” في غرفة التأديب لعدة أيام , وبالرغم من قيام محامِ الطالبات وأهليهن بتقديم بلاغات عدة للنائب العام والتي قيدت بأرقام (12131 ،12197 ،12109 ) للتحقيق في هذه الواقعة ولتوقيع الكشف الطبي علي الطالبات الخمس , إلا أنه لم يتخذ أي إجراء تجاه تلك الواقعة أو ما سبقها.

وجديرٌ بالذكر أيضا تعرضت الطالبات للإهمال الطبي المتعمّد , حيث عانت الطالبة “هنادى أحمد ” من إعياءٍ شديد نتيجة تضخم الزائدة الدودية لديها , وبعد محاولات عديدة وافقت إدارة السجن على إجراءها عملية استئصال للزائدة في الثالث من سبتمبر الماضي , كما رفضت إدارة السجن إبقائها في المستشفي علي الرغم من طلب الطبيب المعالج لها بإبقائها حتي تمام شفائها , لتعود بهذا القرار التعسفى إلي السجن الغير مجهز بأي اسعافات والغير مهيأ لإتمام علاجها .

وما بين مطرقة المحاكمة وسندان الانتهاكات , غداً , قد تكون فرصة من أجل تصحيح ما تعرضن له خلال فترة احتجازهن والذي يعد غير قانوني بالمرة لعدم قانونية إجراءات الاعتقال بدون أمر قضائي مسبب في مخالفة للدستور والمواثيق الدولية التي وضحت طرق إلقاء القبض القانونية , كما نص في مادته (41) من باب الحريات : ” الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون” .

كل تلك الانتهاكات وأكثر ليست إلا غيض من فيض من وقائع عدة تتعرض لها الخمس طالبات وغيرهن من المعتقلات , ونحن بصدد تلك المخالفات القانونية , فإننا بمرصد ” طلاب حرية ” ندينها وبشدة ونطالب السلطات الحالية والأجهزة الأمنية بتطبيق القوانين, كما نطالب الجهات القضائية بأن تنظر للقضية من وجهة نظر عادلة وليست من وجهةٍ مسيسة , ونطالبها بإعادة النظر في تلك القضايا والافراج عن الطالبات لعدم قانونية اعتقالهن .