– ” قررت المحكمة إحالة الأوراق إلى فضيلة المفتي” تلك المقولة التي تردد صداها في الفترة الأخيرة داخل أروقة المحاكم المصرية لتصدم العقول والأذهان وتشخص الأبصار عندما ترى أن المتهم الذي صدر بحقه هذا الحكم هو طالب مصري توافرت الأدلة لبرائته لا لإعدامه ، فبين اعتقال قبل حدوث الواقعة التي تم اتهام الطالب بها أو عدم توافر أدلة كافية لإدانته كانت الأسباب التي تدفع العقل السليم والقلب الراجح أن يرفض مثل تلك الأحكام بحق مستقبل تلك البلاد وأملها كما تجعله يتأكد أن السبب من تلك الأحكام هي الخصومة السياسية ليس إلا.

كان أول الطلاب الذين صدر بحقهم هذا الحكم هو “إبراهيم يحيى العزب” الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة جامعة المنصورة الذي صدر قرار من محكمة الجنايات بالمنصورة غيابيا بإعدامه شنقا، والذي كان قد تم اعتقاله اعتقالا تعسفيا مخالفا للقانون يوم 2014/3/5 من منزله بمدينة المنصورة ,حيث تم اخفاؤه قسريًا لعدة أيامٍ تأكد تعرضه فيها للتعذيب الشديد في انتهاكٍ واضحٍ للقوانين , وبعد ظهوره وجهت له النيابة العامة تهمة تكوين خلية إرهابية , ومن ثم صدر قرار بإعادة محاكمته.

ولم تذهب جامعة المنصورة عن أذهاننا بعيدا ، فقد عادت بطالب أخر من أبنائها ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بحقه وهو “عبدالرحمن عطية هلال بيومي” الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة الذي تم اعتقاله اعتقالا تعسفيُا من مطار القاهرة الدولى قبل سفره لزيارة أسرته في فبراير الماضي , حيث تم إخفائه قسريا لمدة 13 يوما , تعرض خلالها للعديد من أشكال الانتهاك والتعذيب بمقر الأمن الوطني بالقاهرة , و تدهورت حالته الصحية خلال هذه الفتره مما أدي إلي إصابته بمرض السكري , لتوجه له النيابة بعدها التهم في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية “خلايا الردع الإخوانية” من أبرزها : الشروع فى قتل المواطنين، استهداف المنشآت الأمنية والقوات المسلحة، تعريض سلامة وأمن المجتمع للخطر، التسلل إلى قطاع غزة، تلقى دورات عسكرية على يد كتائب القسام، والقتل العمد “والتي تم تحويله علي إثرها إلي محكمة الجنايات التي قضت في 16/3/2015 بإحالة أوراق قضيته إلي المفتي .

وبعد أحكام الإعدام تلك، قررت السلطات الحالية أن تبدأ في تنفيذ أحد هذه الأحكام، ليكون أول طالب مصري تزهق روحه نتيجة لتلك الأحكام هو ” عبد الرحمن سيد رزق ” الطالب بالمرحلة الثانوية والبالغ من العمر 19 عامًا , أحد المتهمين في القضية التي عُرِفت بـ” عرب شركس ” , تلك القضية العسكرية التي وقعت أحداثها في التاسع عشر من مارس لعام 2014 , وعلي الرغم من اعتقاله في السادس عشر من مارس من العام 2014 من أحد الشوارع بمدينة السادس من أكتوبر , إلا أنه تم اتهامه وآخرين في تلك القضية والتي وقعت أحداثها قبيل اعتقاله بثلاثة أيام , مما يدل علي بطلان تلك الاتهامات .

وفي الحادي والعشرين من أكتوبر لعام 2014 , قضت محكمة الهايكستب العسكرية بإحالة أوراقه وخمسة آخرين إلي المفتي , ذلك الحكم الذي قامت هيئة الدفاع بالطعن عليه , لتقضي المحكمة العسكرية العليا برفض النقد وتأييد حكم الإعدام في يوم الثلاثاء الموافق 24/3/2015، ويتم تنفيذ حكم الإعدام يوم 18/5/2015, علي الرغم من بطلان التهم وتقديم الأدلة الدامغة التي تثبت براءة الطالب ومن معه وعدم ارتباكهم لتلك الجريمة.

أحكام الإعدام التي ندينها وبشدة في مرصد ” طلاب حرية” أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الدليل الوحيد الذي كان سببا في إصدار تلك الأحكام على الطلاب هو خصومتهم السياسية مع السلطات الحالية وليست أدلة تثبت عليهم ما قامت النيابة باتهامهم به، لذا نطالب بضرورة إلتزام السلطات المصرية بكافة القواعد والقوانين التي تضمن حقوق كل فرد في المجتمع، وقد بلور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هذا المطلب في نص مادته الثالثة والتي قالت أن ” لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه”.