بعد 100 يوم من الاعتقال التعسفي، قررت نيابة ثانِ سيوط أول أمس الأربعاء الموافق 2015/6/24 إسقاط جميع التهم الجنائية المنسوبة إلى “محمد عدلي” الطالب بكلية العلوم جامعة الأزهر فرع أسيوط، كما قررت استمرار إيداعه بمستشفى “العباسية” للصحة النفسية.

كيف آلت حالة طالب بكلية العلوم من طالب جامعي إلى نزيل دائم بمستشفى الأمراض النفسية ؟

بدأ الأمر في يوم الأحد الموافق 2015/3/15 حين قامت قوات الأمن باعتقال الطالب “محمد عدلي” من السكن الطلابي الخاص به بشكلٍ تعسفي مخالِف للقانون دون تصريح أو أمر قضائي مُسبب بالاعتقال، ليتم اقتياده إلى مقر قسم ثانِ أسيوط حيث وجهت له النيابة العامة عدة تهم من أبرزها : الانضمام لجماعة محظورة أسست على خلاف القانون، وحيازة أوراق تحتوي شعار “رابعة”،وذلك في القضية رقم 1430 لسنة 2015 إداري ثان أسيوط، ومن ثم صدر قرار النيابة العامة بحبسه على ذمة التحقيقات.

لم يكن “قسم ثانِ أسيوط” – المعروف بظروف الاحتجاز السيئة والتي لا تنطبق عليها أيًا من الشروط الواجب توافرها في مقارِ الاحتجاز – هو المكان المناسب لإقامة الطالب والذي كان يعاني من اضطرابات نفسية بسيطة، زادت بشكل ملحوظ نتيجة لظروف الاحتجاز السيئة بالإضافة إلى منع العلاج والأدوية عنه، مما أدى تدهور بالغٍ في صحته النفسية والجسدية، ومن ثم صدر قرار من نيابة ثانِ أسيوط في يوم الأربعاء الموافق 2015/3/18 بعرضه على مستشفى الصحة النفسية بأسيوط.

انفصامٌ في الشخصية .. هكذا صدرت إفادة التقرير الطبي لمستشفى الصحة النفسية بأسيوط، ليتقرر على إثر ذلك ايداع الطالب بمستشفى الصحة النفسية بأسيوط لمدة 45 يوما، ليتم ترحيله بعدها  إلى مستشفى “العباسية” بالقاهرة، على الرغم من أن أيًا من أعراض المرض لم تكن موجودة لدى الطالب قبل اعتقاله، حيث كان الطالب طبيعيًا تمامًا، يدرُس بكلية عملية ويمارس حياته بشكل طبيعي مع تلّقيه العلاج المناسب لحالته، والتي تدهورت بعد أن تم منع العلاج عنه منذ اعتقاله واحتجازه بمقر قسم ثانِ أسيوط.

ولم تتوقف الانتهاكات بحق الطالب عند هذا الحد، فبعد قرابة شهرٍ ونصف الشهر على اعتقال الطالب، تمكن محاميه من عمل استئناف على قرار حبسه، وعلى الرغم من إثبات تردّي حالة الطالب الصحية بالتقارير الطبية، إلا أن قاضي الاستئناف بمحكمة جنح مستأنف ثانِ أسيوط  قرر في يوم الخميس الموافق 2015/4/30 استمرار حبس الطالب 45 يومًا حبسًا احتياطيًا على ذمة التحقيقات واستمرار إيداعه بمستشفى “العباسية” دون الاستماع لأقوال المحامين، بل إنه رفض دخول الطالب إلى غرفة المداولة بادعاء أنه “مجنون”.

واستمرّ احتجاز الطالب، كما استمرت صحته النفسية والجسدية في التردّي، خاصة بعد منع الزيارات عنه في مستشفى “العباسية”، حيث كانت أول زيارة للطالب بعد أكثر من شهر ونصفٍ على اعتقاله، ليفاجأ ذووه بتدهور حالته الصحية بشكل مبالغ فيه، حيث بدت عليه آثار الإعياء الشديد، كما فقد الكثير من وزنه، فضلًا عن التدهور الملحوظ بصحته النفسية، فحسب شهاد ذوي الطالب، فإن الطالب لم يتفاعل معهم أثناء الزيارة، حيث أصيب بحالة من الذعر من التعامل مع أى شخص بسبب احتجازه بمستشفى “العباسية” للأمراض النفسية دون ضرورة حقيقية لذلك، حيث إن المشفى تكتفى باحتجازه دون تقديم الأدوية والرعاية الطبية المناسبة لحالته.

ونحن بمرصد “طلاب حرية” نستنكر وبشدة القرار الصادر من نيابة قسم “ثانِ أسيوط” باستمرار إيداع الطالب مشفى “العباسية” للأمراض النفسية والتي لم يساهم احتجاز الطالب بها في تحقيق أى تحسن بصحته النفسية نتيجة لعدم التشخيص الصحيح وتقديم العلاج المناسب لحالته، كما نطالب السلطات الحالية بسرعة الإفراج عن الطالب خاصة بعد إسقاط كافة التهم الجنائية التي نُسبت إليه دون الاستناد على دليل موضوعي يدعمها، وكما ونحمل الأجهزة الأمنية، ونيابة قسم “ثانِ أسيوط” المسئولية كاملة عن أى تدهور بصحة الطالب النفسية أو الجسدية نتيجة للقرار الصادر من النيابة باستمرا حبسه بمستشفى الصحة النفسية.