“لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات، دون أى تمييز”، و”لكل فرد الحق فى الحياة والحرية وسلامة شخصه”، هكذا نصت المادتين الثانية والثالثة من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان واللتين أكدتا على حق المواطن فى الحرية والحياة، ولأن الحرية تعتبر حقٌ أصيلٌ من الحقوق الطبيعية لأى إنسان وانتهاكها يُعتبر جرمًا يُعاقب عليه القانون، من أجل ذلك وُضعت تلك المواد والنصوص لحماية هذا الحق، ولكن يبدو أن تلك المواد فى مصر أصبحت مجرد حبر على ورق، حيث تتعمد الأجهزة الأمنية للسلطات المصرية الحالية خرقها لها بشكل مستمر، وهو ما قامت به مع “عبدالله حسانين النجار” الطالب بالفرقة الثانية بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر ـ فرع القاهرة، والذي وقعت بحقه سلسلة من الانتهاكات بدأت منذ اللحظة الأولى لاعتقاله .
ابتداءاً قامت قوات الأمن باعتقاله من مطار القاهرة اعتقالًا تعسفيًا مخالفًا للقانون دون تصريح أو أمر قضائى، وذلك أثناء سفره بشكل قانونى إلى دولة “ماليزيا” في يوم الأربعاء الموافق 25 / 5 / 2015، ومن ثم تم اقتياده إلى مكان غير معلوم لأىٍ من ذويه أو محاميه، ليصبح بذلك قيد الإخفاء القسرى لمدة أربعة أيام متتالية، تبين فيما بعد ــ ووفقًا لما وردنا من ذويه ــ أنه كان محتجزًا خلالها بمقر جهاز أمن الدولة بالقاهرة، حيث تعرض هناك للتعذيب الشديد بالضرب المبرح والصعق بالكهرباء في أنحاء متفرقة بالجسد مما سبب له حروق وعلامات بجسمه وبياض فى الشعر، وبعد اختطافه من قِبَل الأمن الوطني بأربعة أيام تم نقله إلي قسم أول مدينة نصر، حيث تعرض كذلك في القسم للتعذيب والضرب والصعق بالكهرباء للمرة الثانية علي أيدي ضباط ومعاوني مباحث القسم.
وبعد فترة اختفائه، كان أول ظهور له في يوم السبت الموافق 30 / 5 / 2015، ليتم عرضه على نيابة مدينة نصر الجزئية والتى لم تلتفت لأىٍ من الانتهاكات التى تعرض لها الطالب، بل أصدرت أمرًا بحبسه احتياطيًا على خلفية اتهامه بعدة تهم، من أبرزها: الانتماء والانضمام إلي جماعة أُسست علي خلاف القانونالغرض منها تعطيل العمل بالدستور والقانون ومناهضة الدولة ومحاولة تكدير السلم العام وقلب نظام الحكم، وذلك على الرغم من أن الطالب ذكر فى رسالة له بأنه لا ينتمى إلى أى أحزاب أو جماعات أو تيارات أو تنظيمات سياسية أو دينية، والجدير بالذكر أنه قد تم التحقيق معه دون السماح بحضور محاميه، أو إبلاغ أحد من أهله، كما أنه ووفقا لما ذكره ذووه، فقد أُرغم على الاعتراف بتهم لم يتوافر لدى النيابة العامة أدلة واضحة تثبت ارتكابه لها .
وتواصلت الإنتهاكات بحق الطالب، حيث تم احتجازه في الحبس الانفرادي بالقسم حتي يوم 11 / 6 / 2015 ثم تم ترحيله إلي سجن أبو زعبل 2 حتي يوم 22 / 6 / 2015، ليتم ترحيله بعد ذلك إلي سجن استقبال طرة، حيث مُنعت عنه الزيارة خلال الخمسة عشر أيام الأولى بعد ظهوره، ولم تتوقف الانتهاكات بحق الطالب عند هذا الحد، بل تم منعه من إكمال دراسته، كما تم منع دخول الكتب الدراسية له، ويتم حاليا منع الزيارة عنه دون أسباب واضحة، بالإضافة إلى تعرضه لضروب من المعاملات القاسية كالضرب .
ويعد ما تعرض له الطالب من اعتقال تعسفى تبعه إخفاء قسرى وتعذيب، جاء مخالفًا لكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية وقوانين الداخل المصرى، وخاصة مانصت عليه المادة الأولى من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى على أنه : “لا يجوز تعريض أى شخص للاختفاء القسرى”، وجاء تعرضه للتعذيب مخالفًا لما نصت عليه المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه: “لا يُعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أوالمعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة”.
التعليقات