تفشّي ظاهرة اعتقال الطلاب من الامتحانات يؤكد أن إدارات الجامعات المصرية والأمن الإداري أصبحت ضمنَ أدواتِ قمع السلطات لمعارضيها السياسيين
عدد وقائع الاعتقال من امتحانات الفصل الدراسي الحالي هي الأكبر خلال الثلاث سنوات الماضية
إدارات الجامعات المصرية متواطئة مع الجهاز الأمني في جريمة الاعتقال التعسفي للطلاب
خلال قرابةِ ثلاثة أسابيعٍ منذ بدء امتحانات نهاية العامِ الدراسي الحالي، قامت قوات الأمن المصرية باعتقالِ ما لا يقلّ عن (15) طالبًا من مختلف جامعات ومعاهد الجمهورية، من داخل أو من أمام لجان امتحاناتهم ومن أمام جامعاتهم بشكل تعسفي دون أمر قضائي مُسبب باعتقالهم أو اتهاماتٍ واضحة.
حيث رصدت منظمة “طلاب حرية” خلال الفترة المذكورة اعتقالَ كلٍ من : “أحمد محمد أحمد عبدالهادي” الطالب بالفرقة الثانية بقسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، “مصعب السيد” الطالب بالفرقة الأولى بقسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة جامعة بني سويف، “حذيفة مختار” الطالب بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر – فرع شبين الكوم، “محمد طارق محمد عبدالمحسن” الطالب بالفرقة الأولى بكلية الحقوق جامعة القاهرة، “عابد علاء الدين عزت محمود” الطالب بالفرقة الأولى بكلية النظم والمعلومات بمعهد أبوقير بالإسكندرية، “محمد محمود” الطالب بالفرقة الثانية بالمعهد الفني الصناعي، “عبدالرحمن حسان الطنطاوي” الطالب بالجامعة العمالية بالمنصورة.
أيضا تم رصدُ اعتقالِ الطالبين بجامعة الأزهر – فرع أسيوط : “محمد عبداللاه محمد عبدالمطلب” الطالب بالفرقة الثالثة بقسم الجيولوجيا بكلية العلوم، و“محمد عصام الدين عبدالرازق أبو المجد” الطالب بالفرقة الثانية بكلية أصول الدين والدعوة، بالإضافة إلى 4 طلاب بجامعة المنصورة وهم : “أحمد العناني” الطالب بالفرقة الثانية بقسم الهندسة الكهربية بكلية الهندسة، “علي محمد سليمان” الطالب بكلية الهندسة، “عبدالرحمن راشد أحمد إبراهيم” الطالب بالفرقة الأولى بكلية التربية، و“محمد كمال” الطالب بالفرقة الرابعة بكلية التجارة، أما آخر من تم اعتقالهم فكانا “أحمد سامي عبدالرءوف”، و”محمود الصاوي” الطالبين بقسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة جامعة الزقازيق.
وفي شهاداتٍ لأسرِ الطلاب، أفادت أسرة الطالب “محمد طارق محمد عبدالمحسن” والمُقيم بمحافظة الجيزة، أنهم علموا من زملائه باعتقاله من قبل أفرادٍ تابعين لقوات الأمن المصرية بزيّ مدني في يوم الإثنين الموافق 23 مايو 2016 من أمام جامعته فور خروجِه من الامتحان، وقاموا باقتياده في سيارة “ميكروباص” إلى جهة غير معلومة، وقال والد الطالب أنهم لم يتمكنوا بعدها من التوصل إلى مكان احتجاز “محمد” وهو ما دفعهم إلى إرسال تلغرافات لعدة جهات من ضمنها النائب والمحامى العام، ووزير الداخلية ورئيس جامعة القاهرة بشأن واقعة الااختطاف، إلا أن “محمد” ظلّ قيدَ الإخفاء القسري لمدة 5 أيام حتى ظَهَر في يوم الأربعاء الموافق 28 مايو 2016 في نيابة أحداث طوارئ الجيزة والتي وجهت إليه تهمة الانتماء إلى جماعة محظورة وأمرت بحبسه على ذمة التحقيقات.
وأفاد شقيق الطالب “عبدالرحمن راشد أحمد إبراهيم” أن شقيقه تم اعتقاله في يوم السبت الموافق 21 مايو 2016 من داخل لجنة امتحانه بالكلية، كما ذكر أن “عبدالرحمن” تم الاعتداء عليه بالضرب المُبرح، والصعق بالكهرباء عقب اقتياده إلى مقر قسم “أول المنصورة” حيث يتم احتجازه حاليًا.
كما تم اعتقال الطالب “محمد عصام الدين عبدالرازق أبو المجد” في يوم الثلاثاء الموافق 10 مايو 2016، حيث ذكرَ “عمر عصام” شقيق الطالب أنه كان في انتظار خروج “محمد” من امتحانه في اليوم المذكور، وفور خروجه من لجنته فوجئ بأفرادٍ تابعينَ لقوات الأمن المصرية قاموا بالقبض على “محمد” من أمام لجنته داخل الجامعة واقتياده إلى جهة غير معلومة ما دفع والد الطالب إلى إرسال تلغراف إلى المحامي العام بأسيوط باختفاء “محمد” إلا أنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى مكان احتجازه حتى اللحظة.
وفي إفادته للمنظمة، ذكر “بهاء عبداللاه” شقيق الطالب “محمد عبداللاه محمد عبدالمطلب” أنهم علموا من زملاء شقيقه أنه تم اعتقاله في يوم الأحد الموافق 15 مايو 2016 من داخل لجنة الامتحانات من قبل أفراد من الأمن الإداري والذين قاموا بتسليمه إلى أفراد تابعين لقوات الأمن قاموا باقتياده في سيارة “ملاكي” من أمام الجامعة إلى جهة غير معلومة، وأوضح شقيق الطالب أن “محمد” ظلّ قيدَ الإخفاء القسري لمدة 3 أيام حتى ظَهر بمقر قسم “ثانِ أسيوط” حيث تم عرضه على النيابة العامة التي أمرت بحبسه احتياطيا.
وفي شهادتها، قالت شقيقة الطالب “عابد علاء الدين عزت محمود” أنهم علموا من زملاء شقيقها أن رئيس كونترول المعهد جاء إلى لجنة امتحان شقيقها ظُهر يوم الأربعاء الموافق 25 مايو 2016 وقام بالتحدّث مع مراقب اللجنة، وبعدها مباشرة توجّه المراقب إلى “عابد” مفتعلا مشادة معه بدعوى قيامه بالكتابة على ورقة الامتحان، ومن ثم تدخل رئيس الكونترول وأستاذٌ بالمعهد وقالوا انهم سيقومون باقتياده إلى لجنة خاصة، وأضافت شقيقة الطالب أنه منذ تلك اللحظة اختفى شقيقها وفشلت كل محاولاتهم في التوصل إلى مكانه.
وتشابهت ظروفُ اعتقالِ باقي الطلاب والذين تم اعتقالهم من لجانهم أو فور خروجهم من الامتحانات على مرأى من إدارات الجامعات والمعاهد التي لم تقم بأى تدخلٍ لوقف تلك الاعتقالات أو للعمل على الإفراج عن الطلاب الذين تم اعتقالهم، بل وتواطؤ بعضها مع الأجهزة الأمنية في اعتقال الطلاب، دونَ مراعاةٍ لقدسية الحرم الجامعي أو مدى تأثير تلك الممارسات على مستقبل الطلاب ومسارهم التعليمي.
جاءت تلك الوقائع ليرتفعَ عدد الطلاب الذين تم اعتقالهم من الامتحانات خلال الثلاثة أعوام الدراسية الماضية التي أعقَبت الثالث من يوليو 2013 إلى (37) طالبًا على الأقل، من بينهم (22) طالبًا تم اعتقالهم خلال الخمسة فصول الدراسية الماضية، وهو عددٌ كشفَ عن النسبة الضخمة التي تمثلّها أعداد الطلاب الذين تم اعتقالهم في ظروفٍ مشابهة خلال الفصل الدراسي الحالي فقط، والتي بلغت (40.5%) من إجمالي الوقائع خلال ثلاثة أعوامٍ كاملة، وهى نسبة تشيرُ إلى ارتفاعٍ خطيرٍ في مُعدّل انتشار تلكَ الظاهرة.
إن منظمة “طلاب حرية” تؤكدُ على أن ظاهرة التربُّصِ بالطلاب واعتقالهم أثناء أو عقب أدائهم امتحاناتهم والتي تصاعَدَ لجوءُ الأجهزة الأمنية للسلطات المصرية إليها مؤخرًا تُعد انتهاكًا صارخًا وجريمةً تُضافُ إلى جرائم النظام المصري بحق الطلاب، كما أن تواطؤ إدارات الجامعات مع الجهاز الأمني وعدم التصدّي لتلك الانتهاكات التي تقع تحت مظلة الحُرُم الجامعية يُشير إلى سيطرة النظام المصري الحالي على الجامعات المصرية وإداراتها وتحوّلها من مؤسساتٍ مستقلة إلى أداةِ قمعٍ في يدِ النظام دونَ حساب لمستقبل الطلاب.
وتُحذّرُ المنظمة من خطورة انتهاج تلكَ الظاهرة من قبل السلطات المصرية كسياسة جديدة لما لها من تداعيات خطيرة على التحصيل العلمي للطلاب وهو ما سيؤدي بدوره إلى تدهوُر العملية التعليمية بشكل كامل، بالإضافة إلى إجباره الطلاب على الابتعادِ عن المسار التعليمي ما قد يؤدي إلى حالة تدهورٍ مجتمعي، فضلًا عن تنمية الإحساس بالعدائية لدى الطلاب تجاه الدولة وما لذلك من آثار مدمرة.
كما تؤكدُ المنظمة أن استمرارَ الأجهزة الأمنية في نهجها المخالفِ لكافة القوانين الدولية والمحلية باعتقال الطلاب وتعريض بعضهم للتعذيب الوحشي أو إخفائهم قسريًا على خلفية تبنّيهم آراءَ سياسية مناوئة للنظام، هو جريمة تستوجب تدخّلَ المجتمع الدولي للضغط من أجل وقفها.
إن منظمة “طلاب حرية” تدعو الأمين العام للأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى استخدام كافة الأدوات لوقف انتهاكات النظام المصري بأجهزته المختلفة بحق الطلاب، والعملِ على إطلاق سراح كافة الطلاب المعتقلين على خلفية قضايا رأي سياسية، وتقديم كل من شاركَ في اعتقال أو تعذيب الطلاب من الأجهزة الأمنية أو إدارات الجامعات المتواطئة إلى المحاكمة.
لتحميل البيان من هنا
التعليقات