– يوافق اليوم السابع من نيسان/أبريل 2017 يوم الصحة العالمي حيث يحيي العالم ذكرى تأسيس منظمة الصحة العالمية ولكنه أتى على مصر للعام الحالي وهي في أسوء حالاتها الصحية حيث تدهورالأوضاع الصحية بالسجون المصرية وأرتفاع حصيلة قتلى الإهمال الطبي إلى 450 خلال الأربع سنوات المنقضية، مما أدى بنا إلى حصر مبسط لأكثر الحالات تدهورا بين المعتقلين وخاصة شريحة الطلاب بكافة السجون المصرية.

 

نظرة عامة على واقع السجون المصرية:

يعيش المعتقلون المصريون في زنازين عادة ما تكون مزدحمة ومكتظة تفتقر إلى مقومات المعيشة والصحة المناسبة والتي تفرضها القوانين والمواثيق الدولية، فلا يوجد في هذه السجون أغطيه كافية، ولا تهويه مناسبة، ولا إمكانية للإستحمام، يوجد بداخلها مرحاض ولا تتوفر فيه المياه، والطعام الذي يقدم للمعتقلين رديء وكمياته قليلة وغير مفيد، الأمر الذي يجعل المعتقلين يفقدون جزء كبير من وزنهم فالطعام سيء من حيث الكم والنوع وهو بالحد الأدنى يقدم فقط من أجل الإبقاء على قيد الحياة، كما أن الكثير من المعتقلين يتعرضون لفقر الدم، بالإضافة إلى نقص شديد في مواد التنظيف والتعقيم مما يحول دون إمكانية تصديهم للأمراض والحشرات وخاصة في فصل الصيف.

 

إضافة إلى ما سبق فإنهم يعانون من ظروف صحية سيئة جدا نتيجة تدني مستوى الخدمات في أماكن احتجازهم ،  فخلال فترة الاستجواب والتحقيق مع بداية الإعتقال، يتم احتجاز المعتقلين في غرف ضيقة جدا لاتتوفر فيها أدنى مقومات النظافة أو الجو الصحي ، وغالبا ما يوضعون في زنازين ضيقة ، الإضاءة تكون فيها خافته وضعيفة الأمر الذي يؤثر على بصرهم ، كما أنهم يتعرضون لسوء المعاملة المتمثلة بالضرب المبرح على كل أعضاء الجسم  والتعذيب، والإرهاق النفسي والعصبي والحرمان من النوم لفترات طويلة الأمر الذي يصيبهم بحالة من الهذيان وعدم الاتزان والدوران ، فلك أن تتخيل شخص يمنع من النوم لمدة 48 ساعة جراء تعاقب المحققين عليه طوال الوقت وعدم السماح له بالخلود للراحة أو النوم  الأمر الذي يؤثر على أوضاعهم الصحية بشكل سلبي.

صور من الانتهاكات بحق المعتقلين المرضى:

1- الإهمال الصحي المتكرر والمماطلة بتقديم العلاج للمحتاجين له أو عدم إجراء العمليات الجراحية للمعتقلين المرضى إلا بعد قيام زملاء المريض بأشكال من الأساليب الاحتجاجية من اجل نقل زميلهم الذي يحتضر إلى المستشفى  .

2- عدم تقديم العلاج المناسب للمعتقلين المرضى كل حسب معاناته، فالطبيب في السجون المصرية هو الطبيب الوحيد في العالم الذي يعالج جميع الأمراض بقرص مسكن أو بكأس ماء

4- عدم وجود أطباء مختصين داخل السجن كأطباء العيون والأسنان والأنف والأذن والحنجرة.

5- تفتقد عيادات السجون إلى وجود أطباء مناوبين ليلاً لعلاج الحالات الطارئة.

6- عدم وجود مشرفين ومعالجين نفسيين حيث يوجد العديد من الحالات النفسية المضطربة والتي بحاجة إلى إشراف خاص.

7- عدم توفر الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة كالأطراف الاصطناعية لفاقدي الأطراف والنظارات الطبية وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو والتهابات القصبة الهوائية المزمنة.

8- عدم تقديم وجبات غذائية صحية مناسبة للمعتقلين المرضى تتماشى مع الأمراض المزمنة التي يعانون منها كمرض السكري والضغط والقلب والكلى، وكثير من الأحيان قدمت أطعمة فاسدة أدت إلى الإصابة بالتسمم .

9- عدم وجود غرف عزل للمرضى المصابين بأمراض معدية كالتهابات الأمعاء الفيروسية الحادة المعدية وكذلك بعض الأمراض المعدية مثل الجرب مما يهدد بانتشار المرض بسرعة بين الأسرى نظراً للإزدحام الشديد داخل المعتقلات.

10- عدم وجود غرف خاصة للمعتقلين ذوي الأمراض النفسية الحادة مما يشكل تهديداً لحياة زملائهم.

11- نقل المرضى المعتقلين لتلقي العلاج في المستشفيات وهم مكبلو الأيدي والأرجل في سيارات ترحيلات عديمة التهوية بدلاً من نقلهم في سيارات إسعاف مجهزة ومريحة.

12- حرمان بعض المعتقلين ذوي الأمراض المزمنة من أدويتهم كنوع من أنواع العقاب داخل السجن.

13- يعاني المعتقلين المرضى من ظروف اعتقال سيئة تتمثل بقلة التهوية والرطوبة الشديدة والاكتظاظ الهائل بالإضافة إلى النقص الشديد في مواد التنظيف العامة وفي مواد المبيدات الحشرية.

14- الإجراءات العقابية بحق المعتقلين تزيد من تدهور أحوالهم النفسية كالحرمان من الزيارات والتفتيش الليلي المفاجئ، والزج بهم في زنازين عزل انفرادي، وإجبارهم على خلع ملابسهم.

 

15- تقديم أدوية قديمة ومنتهية الصلاحيات للمعتقلين.

16- استخدام المحققين خلال استجواب المعتقل المريض أو الجريح وضعه الصحي للضغط عليه من أجل إنتزاع اعترافات منه، وعدم تقديم العلاج له ووضعه في ظروف غير صحية تزيد من تفاقم الأمر وتدهور في وضعه الصحي.

 

أبرز حالات الإهمال الطبي بالسجون:

يذكر أنه تم تسجيل 108 حاله مرضيه بين طلاب الجامعات أبرزها:-

– أحمد عبدالوهاب الخطيب :

-“أحمد الخطيب” طالب بالفرقة الثالثة بكلية التكنولوجيا الحيوية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا يبلغ 19عاماً محكوم عليه ب10سنوات يقضيها في وادي النطرون 430 وتدهورت صحته هناك وبعد 6شهور تم ترحيله إلى مستشفى ليمان طرة.

-يعاني من إصفرار في جسده ونقص حاد في الوزن حيث وصل وزنه إلى 40 كجم وبعد أخذ عينة دم منه، كشفت التحاليل أنه مصاب بـ”داء الليشمانيا” وهو حالة طبية تعرف بـ” Leishmaniasis – Kala Azar” وتسببها حشرة تسمى “حشرة الرمل” والتي تتواجد في الأماكن الملوثة كالسجن المحبوس به “أحمد” منذ عام 2014، وبسبب تعنت السجن وتأخره في إجراء الفحوصات الطبية اللازمة تأخرت حالة أحمد وتسبب المرض في تضخم الكبد والطحال والأمعاء وتم تدمير جهاز المناعة بالكامل، مما أدى بأسرته إلى الإستغاثة لنقل نجلها من مستشفى السجن التي لا تناسب تأخر حالة أحمد ونقله إلى مستشفى خاص وهو الأمر الذي استجابت له وزارة الداخلية أخيرا وتم نقله إلى مستشفى العباسية ولكنه مازال لا يتلقى الرعاية الكاملة ويتم كلبشته بالرغم من أنه غير قادر على الحركة كما أنه محروم من رؤية أهله ليقوموا برعايته.

 

طالبت أسرة أحمد بالعفو الصحي عن نجلها كما أفادت بالآتي:

“سنسلك كل السبل في محاولة إنقاذ “أحمد” من الموت من خطر الليشمانيا الذى فتك بكل أجهزته الحيوية

ونؤكد أننا إلى الآن لا نعلم أي تفاصيل عن حالة أحمد الصحية، ولا نعلم أي تفاصيل عن علاجه، كما أننا غير مسموح لنا بزيارة نجلنا المريض للإطمئنان على صحته منذ تاريخ ١٢_٣_٢٠١٧، وبناءا على ذلك نطالب بحق الزيارة كما تنص لوائح السجون فهذه أبسط حقوقنا.

واستكمالًا لإجراءات العفو الصحي، قُمنا بإرسال تلغرافًا لرئاسة الجمهورية نُطالب فيه الرئيس بالنظر بعين الرحمة إلى نجلنا المصاب والسماح له بالعلاج من هذا المرض الخطير بجانب أسرته خارج السجن عن طريق العفو الصحي، ونناشد النائب العام و وزير الداخلية بتطبيق القانون طبقًا لنص المادة 36 تحديداً التي تنص على:
 “كل محكوم عليه يتبين لطبيب أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر، أو يعجزه عجزاً كلياً يُعرض أمره على مدير القسم الطبي للسجون لفحصه بالإشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه”.

 

-أنس السيد إبراهيم موسى:

“أنس السيد إبراهيم موسى ” طالب بكلية الهندسة يتعرض لإهمال طبي جسيم من مقر احتجازه في قسم ثاني الزقازيق، وبسبب تدهور حالته الصحية رفض السجن استلامه.

يذكر أن “أنس” يبلغ من العمر 23عاماً، وأنه أصيب من قِبل قوات الأمن في أحداث 6 أكتوبر 2013 برصاصة أستقرت في عينه أدت إلى كسركلي في الفك، وقد تم تركيب شريحة تحت العين كدعامة، اعتقل يوم 2يونيو 2014 وتم الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات ونظراً لسوء أوضاع الاحتجاز أصيب الجرح بالتهاب وصل إلى العظام، كما أصيبت الشريحة بالتهاب أيضاً، وأوصى الأطباء بضرورة إجراء عملية جراحية في أسرع وقت وإلا وصل الالتهاب للمخ مما يعرض حياة المذكور إلى الوفاة، إلا أن إدارة مقر احتجازه ترفض نقله إلى أي مستشفى خارجي لإجراء العملية بل أنها قامت بتغريبه إلى سجن “برج العرب” سئ السمعة كعقاب على شكوته من سوء وضعه الصحي.

 

-كريم مدحت بسيوني محمد

“كريم بسيوني” طالب بكلية الآداب الفرقة الأولى جامعة الأسكندرية، تم إعتقاله يوم 27 ديسمبر 2014 وحُكِم عليه بالحبس لمدة خمس سنوات، لوحظ عليه في الفترة الأخير ظهور أعراض إعياء وإغماء واحتقان وورم في رأسه ولكن إدارة السجن تعنتت في نقله للعلاج ولم توافق على عرضه على دكتور متخصص مما تسبب في إغماءه عدة مرات ودخل في غيبوبة منذ أيام وأخيرا وافق السجن على عرضه على مستشفى ولكن يبدو أنه قد فات الأوان فقد أفاد الأطباء أنه كان يعاني من ورم في المخ أدى إلى زيادة الضغط على الشعيرات الدموية مما تسبب في انفجار في المخ والطالب في حالة موت سريري منذ أسبوع.

 

ونحن كمؤسسة حقوقية مستقلة نطالب نقابة الأطباء للتدخل سريعا وعمل مسح طبي شامل لكافة لسجون للوقوف على الوضع الصحي للمعتقلين ونقل المرضى إلى مستشفيات مزودة بالأدوات اللازمة، ونطالب كذلك بإعمال القانون الدولي والمحلي وتوفير العلاج اللازم للمعتقلين المرضى حيث ينص العهد الدولي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية على أن السجناء لهم حق في أعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية، وتنظيم القواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء وتوفير الرعاية الصحية لهم.

كما نطالب بالإفراج الصحي عن المعتقلين ذوي الحالات المتأخرة إعمالا للمادة رقم 36 من القانون رقم 396 لسنة 1956تحديداً التي تنص على:
 “كل محكوم عليه يتبين لطبيب أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر، أو يعجزه عجزاً كلياً يُعرض أمره على مدير القسم الطبي للسجون لفحصه بالإشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه”.