– وقائع لا تنفك تتكرر دون توقف , انتهاكات عجزت المنظمات والهيئات المعنية عن عدّها و إحصاءها بدقة , قتل وسفك لدماء الطالبات , اعتقالات وإخفاء قسري , اغتصاب واعتداءات بدنية ونفسية , وحالات فصل إداري من الجامعات بالجملة , نقف أمام كل هذه المظاهر – من قمع ومصادرة للحريات – في عجب من تلك القوانين التي ما خُطّت بين سطور الدستور إلا ليتم مخالفتها , وفي عجب كذلك من كل تلك المعاهدات التي صدّع المجتمع الدولي رؤوس العالم بها لإبراز حقوق المرأة والدفاع عنها ضد الإعتداء والعنف والتمييز العنصري , كل ما سبق ذكره وأكثر مازال يدفعنا للتساؤل  ” فين حقها ؟! ”  .

” فين حقها ؟! ” , حملة قام ” مرصد طلاب حرية ”  بتدشينها مع بداية شهر مارس 2015 , وتحديدا مع احتفاء العالم واحتفاله باليوم العالمي للمرأة , ذلك اليوم المُرجى منه التأكيد على ما تم التوقيع عليه من مواثيق واتفاقيات لتحقيق الحياة الآمنة , السوية , والسليمة للنساء صغارا وكبارا على حدٍ سواء , ولكن لا تأتِ الرياح بما تشتهي السفن أحيانا , فبدلا من أن نقوم بتعديد إنجازات النظام الحالي من امتيازات للمرأة وسُبل لتعزيز دورها في المجتمع والوقوف بحزم في وجه أي انتهاك قد يطالها من قريب أو بعيد , قمنا بدلا من ذلك بالبحث الدقيق عن أعداد الطالبات سواء اللاتي تم اعتقالهن أو إخفائهن بشكل قسري أو قتلهن قتلا عمدًا خارج إطار القانون .

فمع من قبل السلطات الحالية , لا قانون مُلزِم ولا عُرف يتم أخذه بعين الإعتبار , حيث نجدها وقد ضربت بكل ذلك عرض الحائط  غير مبالية بما صدّقت عليه مصر من مواثيق تلزمها بمنع أي انتهاك أيًا كان نوعه بحق الطالبات كفئة تندرج تحت بند ” المرأة ” ,  والتي من المفترض وجود  عقوبات للدولة التي تخالف تلك المواثيق بعد التوقيع عليها والإلتزام بها .

فمنذ الثالث من يوليو 2013 , أي منذ تولي النظام الحالي مقاليد الحكم , وقد رُصدت المئات من حالات الإعتقال التعسفي ضد الطالبات , ليبلغ العدد النهائي وفقا لآخر تحديث  391 طالبة تم إعتقالهن بشكل يخالف ما نص الإعلان العالمي للحقوق والحريات في مادته التاسعة على أنه “لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً. ” , كما يذكر أنه من بين  391 طالبة تم اعتقالهن , تم إخلاء سبيل 369 طالبة ,  وذلك بعد إخلاء سبيل ثمان طالبات مؤخرا بعد مرور أكثر من عام على اعتقالهن على خلفية اتهامهن في القضية المعروفة إعلاميا بــ “أحداث كلية التجارة جامعة الأزهر ” ,  بينما لا تزال السلطات الحالية تقوم باحتجاز 22 طالبة خلف أسوار السجون بمختلف المحافظات .

كما رصدنا خلال تلك الفترة السالف ذكرها 19 حالة إخفاء قسري لطالبات بمختلف الجامعات والمدارس المصرية على يد أفراد من جهاز الأمن الوطني , ذلك الإنتهاك الذي اعتبرته كافة مواثيق حقوق الإنسان بأنه جريمة لا مبرر لها تحت أي ظرف و حال , وهذا ما وضحته أيضا المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري , بحيث نصت على أنه :”لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري. ” , كما يذكر أنه من بين 19 طالبة تم إخفائهم بشكل قسري , كانت السلطات الحالية قد أعلنت عن أماكن احتجاز 17 طالبة , بينما ظلت  كل من الطالبتين ” هند راشد ” و ” علا عبد الحكيم ” تحت وطأة الإخفاء القسري والمصير المجهول  حتى اليوم .

لم  تقف الممارسات القمعية للأجهزة الأمنية الحالية عند حد الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري فحسب , بل امتدت لتصل إلى القتل وإزهاق الأرواح بلا أي اعتبار أكان الهدف شاب أو فتاة  , فخلال الفترة المنصرمة  تم حصر  6 حالات قتل عمد خارج إطار القانون ضد طالبات بمختلف المراحل الدراسية , تارة إثر طلق ناري نافذ  وتارة أخرى إثر إعتداء بضرب مبرح  أفضى إلى الموت , كما رصدنا أيضا  حالات لإصابات خطيرة بلغت حد بتر ساق إحدى طالبات جامعة الأسكندرية والتي تدعى ” أسماء جمال ” الشهيرة بـ ” أسماء جهينة ” ,  وذلك نتيجة إعتداء أحد البلطجية عليها  مدعوما من قبل  قوات الأمن أثناء فض إحدى التظاهرات المناهضة للنظام الحالي بمنطقة سيدي بشر بالأسكندرية .

لم تكن إدارات الجامعات بمصر لتختلف في ممارساتها القمعية وإجراءاتها التعسفية تجاه الطالبات لتختلف كثيرا عما ارتكبته الأجهزة الأمنية من اعتقال وإخفاء وقتل  , حيث نجد أنه – وبمختلف المحافظات – كانت قد انعقدت مجالس تأديب استثنائية تم على إثرها فصل المئات من الطالبات بشكل تعسفي دون إتاحة الفرصة للبعض منهن للدفاع عن أنفسهن أو تقديم الأدلة التي تفيد برائتهن مما نسب إليهن من تهم أدت إلى فصلهن من الجامعة لفترات تراوحت بين الفصل لمدة فصل دراسي كامل للبعض  والفصل النهائي من الجامعة للبعض الآخر  .

حيث رصدنا ما يقارب من 264 حالة فصل إداري للطالبات بمختلف الجامعات المصرية  , الحكومية منها والخاصة , فتم فصل 128 طالبة فصل نهائي , إضافة لـ40 طالبة تم فصلهن لمدة عام دراسي كامل , كما توزعت النسبة الباقية بين 5 طالبات تم فصلهن لمدة عامين دراسيين , و 24 طالبة تم فصلهن لمدة فصل دراسي واحد , في مخالفة فجة للمواثيق التي حفظت لكل فرد الحق في التعبير عن رأيه بحرية تامة دون قيد او شرط أو إيذاء بالفصل الإداري أو غيره من الانتهاكات التي طالت الطالبات فقط بتهمة إبداء الرأي داخل الحرم الجامعي .

كما حازت المحاكمات العسكرية للطالبات قسطا لا بأس به بين الانتهاكات الواقعة عليهن , حيث نجد مسلسلا من المحاكمات العسكرية للطالبات كان قد بدأ مع إحالة عدد منهن للمحاكمة العسكرية , والحكم  العسكري بالسجن على طالبة  في سابقة هي الاولى من نوعها  , حيث قضت المحكمة العسكرية بالمنصورة في يوم الخميس الموافق 19-3-2015 بالسجن لمدة عامين وغرامة قدرها 50 ألف جنيه على “إسراء ماهر الهنداوي” الطالبة بالفرقة الثالثة بكلية العلوم جامعة المنصورة , و ذلك على خلفية التهم الواردة في محضر القضية رقم 14713 لسنة 2014 , أبرزها : التظاهر دون تصريح , حيازة ألعاب نارية , والتورط بأعمال شغب , في مخالفة صريحة لما نصت عليه القوانين من حق كل فرد في أن تتم محاكمته أمام محكمة مدنية مختصة وعدم أحقية المحاكم العسكرية في محاكمة أي مدني أمامها  .

ويدين ” مرصد طلاب حرية ” تلك الانتهاكات التي لا يقبل به عرف أو قانون ,  مستمرا في الوقت ذاته في بذل كل ما بالوسع في رصد وتوثيق ونشر كل ما يصلنا من ممارسات تخرق القانون أو تخالف ما نصت عليه المواثيق الدولية بشأن أي معاملة غير إنسانية أو حاطة بالكرامة تجاه أي طالب أو طالبة بمختلف الجامعات والمدارس والمعاهد في مصر , كما يدعو المنظمات الحقوقية والجهات المعنية في ضرورة التحقيق العاجل في كل تلك الانتهاكات ووضع حد للعنف المفرط والقرارات التعسفية المتبعين تجاه الطلاب لا لشيئ سوي لجريمة إبداء الرأي !