عاميْن كاملين مضوا على أحداث شهر أغسطس من عام 2013، حيث وقعت – ما وُصِفت بأنها – أسوأ انتهاكات لحقوق الإنسان في تاريخ مصر، حيث قامت الأجهزة الأمنية المصرية بانتهاكات صارخة لم تكن الأخيرة ولكنها كانت الأسوأ والأكثر انتهاكًا للمواثيق الدولية والقوانين المحلية، بدءًا بعملية فض اعتصامي ميداني “رابعة العدوية” و”النهضة” حيث سقط ما لا يقل عن 800 قتيل برصاص قوات الأمن، واعتُقل الآلاف، وانتهاءًا بأحداث سيارة ترحيلات سجن أبو زعبل، والتي حصد فيها الإهمال المتعمد أرواح 36 معتقلًا سياسيًا من معارضي النظام، توفوا نتيجة الإختناق بعد أن قام أفراد من الأمن بالاعتداء عليهم بإلقاء قنابل غاز مسيل للدموع داخل سيارة ترحيلات مغلقة، دون توفير أى فرصة للنجاة.
لم تخلُ أى حادثة من حوادث أغسطس 2013 من ضحايا من طلاب الجامعات والمعاهد المصرية، كان للرابع عشر من أغسطس النصيب الأكبر، حيث سقط عدد (75) طالب من بينهم (65) طالب سقطوا بميدان “رابعة العدوية” خلال عملية فض الاعتصام، وذلك وفقًا لما تمكنّا من رصده والاستيثاق منه، تلاه يوم السادس عشر من أغسطس والذي سقط فيه عدد (12) طالب برصاص قوات الأمن أثناء قيامها باستخدام العنف لفض مظاهرات مناهضة للنظام بمحافظات مختلفة، من بينهم (9) طلاب سقطوا بميدان رمسيس بالقاهرة، ليأتي يوم الثامن عشر من أغسطس والذي وإن كان سقط فيه أقل عدد من الضحايا من الطلاب إلا أنه شهد انتهاكًا فجًا بحق عدد من المعتقلين السياسين، من بينهم (3) طلاب جامعيين تم قتلهم عمدًا داخل سيارة ترحيلات سجن أبو زعبل بإلقاء قنابل غاز مسيّل للدموع عليهم داخل عربة الترحيلات، وإغلاق كافة منافذ الهواء بها، ليُسلب منهم الحق في الحياة بشكل لا إنساني يبين ما آلت إليه حال حقوق الإنسان في مصر من وضعٍ بالغ التدهور.
ونحن بمرصد “طلاب حرية” ندين وبشدة هذه الممارسات الغير قانونية من قبل الأجهزة الأمنية للسلطات الحالية بحق معارضي النظام، فكل هذه الانتهاكات تُمثّل في الأصل انتهاكًا آخر كونها تعدٍ على الحق في حرية التعبير عن الرأى واعتناق الأفكار، والذي هو حق كفلته كافة القوانين الدولية والمحلية بما فيها الدستور والقانون المصري، كما جاء بنص المادة رقم (65) من الدستور المصري الحالي من أن ” حرية الفكر والرأى مكفولة، ولكل إنسان حق التعبيرعن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر”، وذلك بالإضافة إلى انتهاك المادة رقم (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي نصت على أن “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية”، لذا فإن مخالفة هذه القوانين بالاعتداء على أى شخص يعبر عن رأيه سواء بالقتل أو الاعتقال أو امتهان الكرامة يُعدّ جريمة يعاقب عليه القانون الدولي والمحلي.
ومن جانبنا، فإننا نطالب السلطات الحالية، ليس فقط بالوقف الفوري لهذه الممارسات التي تنتهك كافة القوانين والحقوق، بل وبفتح تحقيقات عاجلة وجادة بشأن مقتل (90) طالب، وذلك وفقًا لما تمكنّا من حصره فقط في الحوادث التي وقعت في أغسطس من عام 2013 نتيجة للتكتم الإعلامي الشديد عليها، وأيضًا التحقيق فيما تلاها من وقائع مماثلة بها اعتداء على الحق في حرية التعبير عن الرأى، ومحاسبة المتورطين في جرائم القتل خارج إطار القانون بحق طلاب الجامعات والمعاهد المصرية، والتي مازالت مستمرة حتى الآن، كما نطالب بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسين خاصة الطلاب الذين جرى اعتقالهم على خلفية انتماءاتهم السياسية أو لمجرد ممارستهم حقهم المكفول في التعبير عن الرأى، دون توفر أدلة على جرائم حقيقة تستلزم استمرار احتجازهم.
التعليقات