صرّحت وزارة الداخلية المصرية في يوم الجمعة الموافق للثامن من يناير 2016 عن قيام قوات الأمن بقتل “محمد حسن محمد محفوظ” وشهرته “محمد شيكا” الطالب بمعهد المدينة العالي للإدارة والبالغ من العمر 22 عام، وذلك في أحد المطاعم التابعة لفندق “بيلا فيستا” بمدينة الغردقة حيث ادّعت الأجهزة الأمنية قيام الطالب هو وشخص آخر يدعى “علي عبدالرحمن عبدالحميد” بالاعتداء على عدد من نزلاء الفندق بمسدس صوت وسلاح أبيض مما أسفر عن إصابة ثلاثة من النزلاء بجروح، ومن ثم قامت القوات المكلفة بتأمين الفندق والخدمات الخارجية بالتعامل معهما حال محاولتهما الهروب مما أدى إلى مصرع الطالب وإصابة الآخر بإصابات بالغة – على حد وصف وزارة الداخلية -.
جاءت رواية إدارة الفندق مشابهة لرواية وزارة الداخلية، حيث ذكرت في بيان لها على صفحتها الرسمية أن شابين قاما بالهجوم على أحد المطاعم الخاصة بالفندق وبحوزتهما مسدس “بلاستكي” وسكاكين صغيرة، كما ذكر البيان أن أحد الشابين حاول طعن بعض نزلاء الفندق بالسكين مما أدى إلى إصابة 3 منهم بجروح، وهو ما دفع أمن الفندق ورجال الشرطة إلى التعامل الفوري مع الشابين مما أدى إلى مصرع أحدهما برصاص قوات الأمن، وإصابة الآخر وتوقيفه، كما أكّدت إدارة الفندق على أن النزلاء الثلاثة تم إسعافهم فورا وأنهم غادروا المشفى بالفعل.
في حين جاءت رواية عدد من النشطاء ومعارف الطالب عبر مواقع التواصل الاجتماعي مختلفة تمامًا، حيث حملت اتهامًا صريحًا للأجهزة الأمنية المصرية بقيامها بتصفية الطالب عمدًا عقب اعتقاله من منزله بمحافظة “الجيزة” فجر يوم الخميس الموافق للسابع من يناير 2016، مستشهدين في ذلك بصور الطالب التي تم نشرها عقب مقتله والتي بدت غير متسقة مع رواية وزارة الداخلية، حيث ظهر الطالب في الصور وهو مقيّد اليدين وهو ما دلّ على أنه تم القبض عليه قبل مقتله، وهو ما ذكره أحد نزلاء الفندق في شهادة له على صفحته الشخصية حيث أكد أنه سمع صوت إطلاق النار بعد القبض على الشابين، مما يعني أن قتل الطالب لم يكن بدافع التدخل لفض الاعتداء على النزلاء كما ذكرت وزارة الداخلية وإنما تمت تصفيته عمدًا وهو أعزل ومقيد عقب القبض عليه.
رجّح تلك الاتهامات أحد مقاطع الفيديو التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للشاب الآخر الذي أصيب خلال الواقعة، حيث أظهر الفيديو استجوابًا قاسيًا للشاب المصاب دون أن يتم إسعافه، كما أظهر تعاملًا غير إنساني فضلًا عن كونه غير قانوني بحقه، حيث تم توجيه ضربات على الوجه للشاب المصاب لإجباره على التحامل والإجابة على الأسئلة المطروحة عليه على الرغم من حالته التي بدت سيئة ومتدهورة ولا تسمح باستجوابه، وهو ما اعتبره البعض “مؤشرًا” على الطريقة التي اتبعتها الأجهزة الأمنية في التعامل مع الشابين واحتمالية قيامها باستخدام العنف المفرط بحقهما.
وكان ما أثار المزيد من الاستفهامات والشكوك حول صحة رواية وزارة الداخلية، هو صمتها التام إزاء تلك الاتهامات المُبرَرة، حيث لم تقم وزارة الداخلية بتقديم أى تفسيرات موضوعية بشأن تقييد الطالب وهو مقتول، بالإضافة إلى ذلك، فإن الأجهزة الأمنية لم تقم بتوضيح ماهية الضرورة التي أجبرتها على استخدام العنف المفرط المميت تجاه الطالب في الوقت الذي أكدت فيه أن الطالب كان يحمل مسدس صوت وسكين، وهو ما يمكن السيطرة عليه بوسائل متدرجة قبل اللجوء إلى الأعيرة النارية وإصابة الطالب بأكثر من طلق ناري مما أدى إلى مصرعه.
إن مرصد “طلاب حرية” للحقوق والحريات يطالب الأجهزة الأمنية والسلطات المعنية المصرية بسرعة تقديم بيان واضح يكشف ملابسات واقعة مقتل الطالب ويرد على ما تم توجيهه إلى الأجهزة الأمنية المصرية من اتهامات بتصفية الطالب خارج إطار القانون، كما يطالب المرصد بتقديم تفسيرات عاجلة وموضوعية للطريقة الغير القانونية التي تم اتباعها خلال استجواب الشاب المصاب ومحاسبة الضالعين في ذلك الاستجواب، كما ويطالب مرصد “طلاب حرية” الأجهزة المتخصصة في الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بالتدخل وإجراء تحقيقات عاجلة في تلك الواقعة والكشف عن ملابساتها الحقيقة، ويحذر مرصد “طلاب حرية” من استمرار الصمت الغير مبرر على تلك الواقعة وغيرها من وقائع القتل التي يرتكبها النظام المصري وعدم القيام بأى إجراءات جادة بشانها، لما في ذلك تشجيع ضمني على إزدياد تفشي تلك الجرائم.
التعليقات